العامل الثاني
إخبار النبي والائمة صلوات الله عليهم بأنه سوف يولد للامام العسكري ولد يملا الارض قسطاً وعدلاً ويغيب، ويلزم على كلّ مسلم أن يؤمن بذلك.
هذه الاحاديث كثيرة، فالشيخ الصدوق في كمال الدين جعلها في أبواب:
- باب ما روي عن النبي في الإمام المهدي، ذكر فيه خمسة وأربعين حديثاً.
- باب ما روي عن أمير المؤمنين (ع) في الامام المهدي.
- باب عن الزهراء (ع) وما ورد عنها في الامام المهدي (ع) ذكر فيه أربعة أحاديث.
- عن الامام الحسن (ع)، ذكر فيه حديثين.
- عن الامام الحسين (ع)، ذكر فيه خمسة أحاديث.
- عن الامام السجاد (ع)، ذكر فيه تسعة أحاديث.
- عن الامام الباقر (ع)، ذكر فيه سبعة عشر حديثاً.
- عن الامام الصادق (ع)، ذكر فيه سبعة وخمسين حديثاً.
وقد جمعتُ الاحاديث فكانت مائة وثلاثة وتسعين حديثاً.
هذا فقط ما يرويه الشيخ الصدوق في الاكمال(1)، ولا أريد أن أضمّ ما ذكره الكليني في الكافي، والشيخ الطوسي، وغيرهما(2)، وربما آنذاك يفوق العدد الالف رواية.
وتبرّكاً وتيمّناً أذكر حديثاً واحداً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحديثين عن الامام الصادق سلام الله عليه.
أمّا عن النبي (ص): فهو ما رواه ابن عباس قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «... ألا وإنّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري، ويحفظون وصيّتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة...» إلى آخر الحديث(3) .
وبهذا المضمون أو قريب منه أحاديث كثيرة، وبعض الاحاديث تذكر أسماء الائمة صلوات الله عليهم.
وأمّا عن الامام الصادق (عليه السلام): فهو ما رواه محمد بن مسلم بسند صحيح متفق عليه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها»(1).
وحديث آخر عن زرارة يقول: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: «إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم، يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته»(2).
فمسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الامام الصادق (عليه السلام) من ذلك الزمان، فكان أوّل من شكك في الولادة جعفر عمّ الامام المهدي (عليه السلام)، لعدم اطلاعه على الولادة، ووجود تعتيم إعلامي قوي على مسألة ولادة الامام المهدي (عليه السلام)، نتيجة الظروف الحرجة المحيطة بالامامة في تلك الفترة، حتى أنّه لم يجز الائمة التصريح باسم الامام المهدي، فجعفر ما كان مطّلعاً على أنّ الامام العسكري (عليه السلام) له ولد باسم الامام المهدي، لذلك فوجئ بالقضية وأنكر أو شكّك في الولادة، فهو اوّل من شكك.
ثم تلاه في التشكيك ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والاهواء والنحل، شكّك في مسألة الولادة فقال: وتقول طائفة منهم ـ أي من الشيعة ـ أنّ مولد هذا يعني الامام المهدي الذي لم يخلق قط في سنة ستين ومائتين، سنة موت أبيه(1).
وتبعه على ذلك محمد اسعاف النشاشيبي في كتابه الاسلام الصحيح، يقول: ولم يعقب الحسن ـ يعني العسكري سلام الله عليه ـ ذكراً ولا أنثى(2).
وعلى أي حال فان مسألة التشكيك في الولادة أخبر بها الامام الصادق (عليه السلام)، وكانت موجودة من تلك الفترة، فالامام يقول لزرارة: هو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول أنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين...، إلى أن يقول الامام: يا زرارة إذا أدركت ذلك الزمان فادعوا بهذا الدعاء: «اللّهم عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللّهم عرّفني رسولك فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف جحتك، اللّهم عرّفني حجتك فانّك إن لم تعرّفني حجتك ضللت عن ديني(3).
واقعاً الانسان والعياذ بالله فجأةً يضلّ عن الدين من حيث لا يشعر، فالدعاء بهذا ضروري للبقاء بالتمسّك بهذا المذهب الصحيح: اللّهم عرّفني حجتك فانّك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.
ومن الاشياء التي لا تنبغي الغفلة عنها الادعية المعروفة عن أهل البيت صلوات الله عليهم، ومنها هذا الدعاء: اللّهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كلّ ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً(1).